الأربعاء، 12 أغسطس 2009

بناء السلام .. لنتحدي فقدان الأمل !

عبدالقادر محمد
تحتاج المجتمعات الخارجة حديثاً من الصراعات، أو مجتمعات ما بعد النزاع الي مجموعة من العمليات لتثبيت ودعم وإستدامة السلام، فبجانب عمليات الحقيقة والمصالحة والعدالة الانتقالية ،هنالك حاجة لعمليات بناء السلام وحل النزاعات.
وبناء السلام هو عملية متواصلة ومستمرة تتكون من مجموعة من الانشطة المختلفة الرامية إلى خلق وتثبيت مجتمعات مسالمة و مستقرة. ويعمل الناشطون في مجال بناء السلام علي تحقيق بناء الأستقرار و الثقة و العدل و المصالحة، و التي تعمل على تحويل النزاعات إلى طموحات متوازنة للمستقبل.
ويقول الناشطون في مجال بناء بناء السلام ، ان التوصّل للسلام وبناؤه والمحافظة عليه مهمة صعبة تتطلب صبراً هائلاً وإلتزاماً لا يحيد ، خصوصاً وإن هناك عدد لا يُحصى من التحديات أمام التوصّل إلى سلام دائم.
وعلى الرغم من ذلك، فإن بناء السلام ليس أمراً مستحيلاً. فمن خلال التقييم الحذر والذكي للتحديات التي تؤثر في تحقيق السلام، يمكننا تحديد كيفية بناء السلام الحقيقي والمحافظة عليه. وهذا ما يسعي بناة السلام للقيام به وتحقيقه.
في إطار الجهود الرامية الي تأسيس مفهوم علمي لبناء السلام ،وتوسيع دائرة النشطاء في مجال بناء السلام، نظم معهد تنمية المجتمع المدني بكلية شرق النيل كورس تدريبي حول ( بناء السلام وفض النزاعات) ، شارك فيه العديد من الناشطين والمهتمين.
تحدثت الميدان الي الاستاذ تومي ياما ، المدرب والناشط في مجال بناء السلام وحل النزاعات ، وسالته هل بناء السلام هل هو عملية أم هو مرحلة ؟ ، فقال تومي : بناء السلام هو عملية وليس مرحلة ، لأن المرحلة وفقاً للمفهوم الماركسي لها شروطها وخصائصها المحددة. لكن بناء السلام هو عملية من خلالها يسعي بناة السلام للوصول الي هدف معين. وحول التحديات التي تواجه بناء السلام في مجتمعات ما بعد النزاع ، يقول ياما : في اعتقادي ان أسوأ العناصر التي تواجه الشعوب والمجتمعات الخارجة حديثاً من النزاعات هو الإحساس بالضياع وفقدان الأمل ، ويضيف ياما: شاهدت هذا في فلسطين ، فكنت عندما اسال الناس عن أحلامهم وطموحاتهم يجيب الغالبية العظمي منهم بأن لا طموح لديهم ولا أحلام،ولا معني للاحلام هنا، أحسست بأن الناس هناك لا حول لهم ولا قوة ، ورايت الإنكسار والضياع في أعينهم وفي احاديثهم.
من جانبه يقول الفنان والناشط ديرك ألفريد رئيس فرقة كواتو ، أحد المشاركين في الكورس : أن عملية بناء السلام لا تتجزأ ، ولا تنفصل عن نشاطة الفني والثقافي ، ويضيف ديرك: لحاجة مجتمعنا الماسة للإستقرار واستدامة السلام يجب ان ينصب كل نشاطنا في مصلحة بناء السلام.
وقال ديرك : نشاطي وعملي كفنان يخاطب جزء من مشاكل مجتمع ما بعد الصراع ، ويدعو الي نبذ العنف. مضيفاً: الكورس قدم لي اضافة حقيقية وتعرفت من خلاله علي بناء السلام القائم علي اسس علمية ، مؤكدا ان الفنون تسهم في بناء السلام من خلال دعوتها للحوار والمحبة والسلام والتعايش واللاعنف.
الدكتورمحمد عبدالقادر هلال ، كان ضمن المشاركين في الكورس، تحدث للميدان حول أهمية بناء السلام في مجتمع خارج حديثاً من الصراع ، كالمجتمع السوداني ، وأكد علي أهمية توسيع دائرة الناشطين في مجال بناء السلام وحل النزاعات لضمان استدامة السلام والاستقرار والتبادل السلمي للسلطة ، ومن ثم التنمية المتوازنة والعادلة التي تجنب الوطن مآسي الحروب.
ويري البعض أن بناء السلام لا يرتبط فقط بالدول التي يمزّقها النزاع أو دول ما بعد النزاع. ويرون أن معالجة قضايا نزع السلاح ، وثقافة السلام ،والعدالة الانتقالية ، والحكم الرشيد ،وانتشار الأسلحة الصغيرة هي قضايا من صميم مهام نشطاء بناء السلام.
ويرون ان قضايا التعايش الديني ، ومكافحة الفقر،والتدواول السلمي للسلطة هي أيضاً من ضمن مهام بناء السلام.
ويعتبر انتشار الأسلحة الصغيرة التي تطيل أمد الحروب الأهلية وتزيد التحديات أمام نزع السلاح ، من ضمن أكبر التحديات التي تواجه بناء السلام في مجتمعات ما بعد الصراع.
كما إن عدم المساواة الاجتماعية والفساد السياسي والعنف الاجتماعي ومأسسة العنف وانعدام الدمج الاجتماع والهجرة، جميعها مسائل تؤثر في الأمن الاجتماعي والسلام في أنحاء كثيرة من العالم.
ومن العوامل التي تفاقم المشكلة انعدام الاهتمام الإعلامي، فلأن النزاعات ليست بين الدول، لا يعتبرها المجتمع الدولي تستحق اهتماماً إنسانياً عالمياً."
ويساهم تحليل أسباب العنف ايضاً في عملية بناء السلام ، و من المهم جداً أن يفهم الناس أسباب العنف الذي ارتكبوه أو وقعوا ضحيّته، ولا يمكن تحقيق ذلك إلاّ بفتح الحوار من خلال لجان السلام والمصالحة أو نماذج مشابهة للتسامح والصفح. ولهذا الأمر أهمية خاصة في تحقيق الشفاء النفسي وتعزيز مرحلة العدالة الانتقالية لبناء السلام.
وقد شكلت الأمم المتحدة لجنة خاصة لبناء السلام و هي هيئة استشارية حكومية دولية في الأمم المتحدة تدعم جهود السلام في بلدان خرجت من الصراع وهي إضافة أساسية لقدرات المجتمع الدولي في جدول أعمال السلام الواسع.
وتلعب لجنة بناء السلام دورا فريدا في جمع كل الأطراف ذات الصلة معا بما في ذلك المانحين الدوليين والمؤسسات المالية الدولية والحكومات والبلدان المساهمة بقوات؛ و تعبئة الموارد و إسداء النصح واقتراح استراتيجيات متكاملة لبناء السلام بعد الصراع والانتعاش حيثما كان ملائما وإبراز أية ثغرات تهدد بتقويض السلام.
ونصت قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن المتزامنة التي أنشأت لجنة بناء السلام أيضا على إقامة صندوق لبناء السلام ومكتب لدعم بناء السلام وكلاهما يشكل هيكل بناء السلام في الأمم المتحدة.
وبمساعدة من مكتب دعم بناء السلام تجمع اللجنة أشكال من القدرات الواسعة والتجارب في الوقاية من الصراع والوساطة وحفظ السلام والمساعدة الإنسانية والإعمار والنهوض بحقوق الإنسان وحكم القانون والمساعدة التنموية المستدامة طويلة الأمد.
السلام الذي تحقق في السودان علي المستوي السياسي يحتاج الي نشاط اجتماعي وثقافي لتثبيته واستدامته ، ويحتاج ايضاً الي نشاط مكثف في جبهة بناء السلام. فهيا نتحدي فقدان الامل لنتمكن من بناء السلام ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق