تقرير : عبد القادر
اكتسبت زيارة النائب الاول لرئيس الجمهورية ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان السيد سلفا كير ميارديت لجنوب كردفان اهميتها من انها اول زيارة له ، يتفقد فيها اوضاع منطقة من مناطق الشمال ، منذ توليه مهام النائب الاول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب، واتسم خطاب سلفا بجنوب كردفان بكونه خطابا قومياً وداعياً للوحدة ، ومنادياً باستدامة السلام ونبذ الحرب وحلحلة النزاعات القبلية، وفي هذا الجانب كان تقييم الخطاب ايجابياً بالنسبة للكثير من المحللين .. إلا ان السؤال يظل قائم حول اهداف الزيارة ، واهميتها ورمزية المنطقة التي ألقي منها خطابه، لا سيما وان الزيارة تعتبر ثاني زيارة لمسئول كبير في الحركة الي المنطقة نفسها وقد زارها قبل اسابيع جيمس واني ايقا القيادي البارز بالحركة وألقي هو الآخر خطاباً وحدوياً .
ولجنوب كرفان اهميتها التاريخية بالنسبة للحركة الشعبية ، بجانب ذلك فهي تعتبر احدي المناطق الثلاث المعنية ببروتوكولات خاصة في اتفاقية السلام الشامل.
يري البعض ان الزيارة في هذا التوقيت بالذات الهدف منها هو تهيئة الأجواء لقبول قرار التحكيم الدولي بشأن أبيي والذي يتوقع صدوره في غضون الايام القادمة من محكمة التحكيم الدائمة بلاهاي. إذ قال سلفا في خطابه أمام مواطني المجلد ان الوضع القائم في أبيي الآن لن يتأثر بنتيجة هيئة التحكيم الدولية سواء اكان حكمها لصالح الحركة الشعبية أو للمؤتمر الوطني ، واشار الي ان المسيرية سيكون لهم حق الرعي حتي شمال بحر الغزال في حال انفصال الجنوب.
وياتي هذا الحديث في ظل تخوف من نتائج التحكيم التي قد تتسبب في اندلاع العنف من جديد في ابيي ،اذا كانت غير مرضية لاحد الطرفين، خصوصاً وان الناس هناك وبفعل الاستقطاب الحاد اصبحوا في حالة من التعبئة قابلة للانفجار في اي لحظة.
ويفسر آخرون اسباب الزيارة بأنها تدشين للحملة الانتخابية للحركة الشعبية بالشمال ، وفي الوقت نفسه يعيبون علي الحركة اهمالها لقطاع الشمال ، وان الاهتمام به بدأ متأخراً بعد نهاية العام الرابع لاتفاقية السلام بزيارة سلفا الي جنوب كردفان.
بينما يرحج فريق آخر ان تكون زيارة سلفا لجنوب كردفان اعادة اهتمام بالمنطقة التي ناصرت الحركة منذ وقت مبكر من تاريخها ، ورد جميل للمحاربين القدامي والرفاق في تلك البقاع، ويشيرون الي الدور المتعاظم للشهيد يوسف كوة مكي ابن الجبال الذي حسم امره وانضم باكرا للحركة الشعبية لتحرير السودان،وساهم بدور كبير في تمدد الحركة في منطقة جبال النوبة وجنوب كردفان وكانت اول منطقة شمالية يتمدد فيها نفوذ الحركة ، بجانب هذا يرون ان احد اهداف زيارة سلفا هي الدفع بمؤتمرالصلح بين المسيرية والرزيقات الي الامام ووضع حد للنزاعات القبلية وبالتالي لعب دور مهم وفعال للحركة في تلك المنطقة بعد طول اهمال.
ولا ينفي اي ممن ناقشنا اراءهم تخوفهم من نتائج التحكيم الدولي لقضية ابيي، واحتمالات تفجر العنف.
وفي ذات الوقت يحتفي آخرون بالزيارة ويعتبرونها (عربون) الدخول الي بوابة الوحدة، وبادرة أمل في طريقها الطويل والشاق !
** الميدان ، 14 يوليو 2009م ..
الجمعة، 17 يوليو 2009
الاحصاء السكاني .. جدل واسع ونتائج غير مطمئنة !
البرلمان : عبدالقادر محمد عبدالقادر
أعترفت اللجنة الفنية للتعداد السكاني بأن هناك قصور في عمليات التعداد السكاني الخامس، وأن هناك مناطق كثيرة لم تصلها فرق التعداد.وتباينت ردود الفعل داخل المجلس الوطني علي بيان مجلس الاحصاء السكاني عن التعداد السكاني،الذي قدمه امس امام المجلس،وأكد الاستاذ يحي الحسين النائب البرلماني عن التجمع الوطني الديمقراطي :بأن هناك مناطق سقطت من التعداد واخري خضعت لمعالجات،وقال ان الخرطوم بها مناطق لم يشملها التعداد.مضيفا ان الحديث عن شفافية التعداد مجافي للحقيقة.
وفي تعليقه علي بيان مجلس الاحصاء، نفي الاستاذ صالح محمود النائب البرلماني عن الحزب الشيوعي في تصريحات للميدان عقب انتهاء الجلسة،صحة نتائج التعداد، قائلاً : ليس صحيحا ان التعداد قام علي اسس شفافة وعلمية ومهنية عالية وبرقابة دولية مستقلة ،هذا كله ليس صحيحاً، وليس صحيحاً،ايضا ان نتحدث فقط عن الجوانب الفنية لعملية التعداد ،لأن هذا التعداد ستعتمد عليه العملية الانتخابية القادمة كلها، وخلافه من عمليات التنمية والتخطيط لذا لابد من الاطمئنان علي دقته . وقال محمود: في بيان الوزير هناك اعتراف بأن مناطق واسعة بدارفور لم تشملها عمليات التعداد.مضيفاً: هذا امر طبيعي لأن دارفور كلها منطقة حرب باستثناء المدن الرئيسية. وهناك اعتراف بأن التعداد لم يشمل النازحين حول المدن .و معلوم ان المعسكرات ،وفقا لوكالات الامم المتحدة والمنظمات العاملة في مجال توفير العون الانساني، يُقدر عدد النازحين بـها حوالي 2 مليون ونصف .ناهيك عن عدد اللاجئين خارج الحدود ،و اظهرت نتائج التعداد مفارقات خطيرة منها علي سبيل المثال نتائج التعداد في ولاية غرب دارفور،وهي تضم مناطق كثافة سكانية عالية منها الجنينة ،ووادي صالح ،وزالنجي،و جبل مرة وهذه مناطق كثافة سكانية نستغرب انها تقلصت الي9 دوائر فقط.
وأكد محمود ان التعداد لم يكن شاملا ،حتي داخل الخرطوم وخارجها ،وفي الجنوب ايضا ،قائلاً: هناك عدم قبول وعدم اعتراف بنتائج التعداد.
وأضاف :اذا كانت هذه النتائج تشكل اساس للانتخابات القادمة يجب ان ننتبه الي خطورة هذا الامر،لأن عدم قبول المواطنين بالنتائج يعني تفاقم السخط والاحتجاجات،يجب ان نتعظ من تجارب مماثلة شبيهة في كينيا وزيمبابوي وما يحدث الآن في ايران.وقال: اذا كنا نقبل نتائج التعداد فقط لان عملياته كانت مكلفة فإن هذا التبرير غير منطقي وغير مقبول.و يجب ان نتساءل هنا أين ذهبت الـ 102 مليون دولار التي تم صرفها في عمليات التعداد ما دام التعداد استثني مناطق واسعة بدارفور والجنوب والشرق .وتساءل محمود :اين تم صرف هذه الاموال ؟ واضاف :هذا في حد ذاته سؤال يتطلب تدخل المراجع العام .
وحول الرقابة المستقلة لعمليات التعداد قال محمود: هناك علي الاقل مركز كارتر لمراقبة الانتخابات اكد انه لم يتمكن من مراقبة عملية التعداد لأن الحكومة منعتهم من القيام بالدور الرقابي لذا لا يمكن الركون الي نتائج التقارير.
وفي سياق متصل قال الاستاذ سليمان حامد للميدان:التلاعب بارقام التعداد سيؤدي الي نتائج وخيمة من شأنها ان تفضي الي زعزعة استقرار السودان ،لان هذه الارقام فيها تهميش كبير جدا لعدد كبير من المناطق التي لم يتم فيها التعداد وهذا سيؤثر اثر علي قسمة السلطة والثروة خاصة وان هذا التهميش لهذه المناطق هو الذي تسبب في الحروب السابقة وتفجير الأزمات.لكل هذه الاسباب وقفت عدديه كبيرة من اعضاء المجلس لا تقل كثيرا عن الذين قالوا نعم ،وقفت ضد هذا التقرير.
جدل واسع اثاره تقرير مجلس الاحصاء السكاني الذي قدمه للمجلس الوطني أمس ، وأصوات عالية قالت لا، ونواب رفضوا نتائج التعداد وآخرين طالبوا بإعادته، فهل يا تري ستستجيب الجهات المعنية بالأمر لهذه الأصوات الرافضة أم أن وراء الأكمه ماوراءها ؟
** الميدان
أعترفت اللجنة الفنية للتعداد السكاني بأن هناك قصور في عمليات التعداد السكاني الخامس، وأن هناك مناطق كثيرة لم تصلها فرق التعداد.وتباينت ردود الفعل داخل المجلس الوطني علي بيان مجلس الاحصاء السكاني عن التعداد السكاني،الذي قدمه امس امام المجلس،وأكد الاستاذ يحي الحسين النائب البرلماني عن التجمع الوطني الديمقراطي :بأن هناك مناطق سقطت من التعداد واخري خضعت لمعالجات،وقال ان الخرطوم بها مناطق لم يشملها التعداد.مضيفا ان الحديث عن شفافية التعداد مجافي للحقيقة.
وفي تعليقه علي بيان مجلس الاحصاء، نفي الاستاذ صالح محمود النائب البرلماني عن الحزب الشيوعي في تصريحات للميدان عقب انتهاء الجلسة،صحة نتائج التعداد، قائلاً : ليس صحيحا ان التعداد قام علي اسس شفافة وعلمية ومهنية عالية وبرقابة دولية مستقلة ،هذا كله ليس صحيحاً، وليس صحيحاً،ايضا ان نتحدث فقط عن الجوانب الفنية لعملية التعداد ،لأن هذا التعداد ستعتمد عليه العملية الانتخابية القادمة كلها، وخلافه من عمليات التنمية والتخطيط لذا لابد من الاطمئنان علي دقته . وقال محمود: في بيان الوزير هناك اعتراف بأن مناطق واسعة بدارفور لم تشملها عمليات التعداد.مضيفاً: هذا امر طبيعي لأن دارفور كلها منطقة حرب باستثناء المدن الرئيسية. وهناك اعتراف بأن التعداد لم يشمل النازحين حول المدن .و معلوم ان المعسكرات ،وفقا لوكالات الامم المتحدة والمنظمات العاملة في مجال توفير العون الانساني، يُقدر عدد النازحين بـها حوالي 2 مليون ونصف .ناهيك عن عدد اللاجئين خارج الحدود ،و اظهرت نتائج التعداد مفارقات خطيرة منها علي سبيل المثال نتائج التعداد في ولاية غرب دارفور،وهي تضم مناطق كثافة سكانية عالية منها الجنينة ،ووادي صالح ،وزالنجي،و جبل مرة وهذه مناطق كثافة سكانية نستغرب انها تقلصت الي9 دوائر فقط.
وأكد محمود ان التعداد لم يكن شاملا ،حتي داخل الخرطوم وخارجها ،وفي الجنوب ايضا ،قائلاً: هناك عدم قبول وعدم اعتراف بنتائج التعداد.
وأضاف :اذا كانت هذه النتائج تشكل اساس للانتخابات القادمة يجب ان ننتبه الي خطورة هذا الامر،لأن عدم قبول المواطنين بالنتائج يعني تفاقم السخط والاحتجاجات،يجب ان نتعظ من تجارب مماثلة شبيهة في كينيا وزيمبابوي وما يحدث الآن في ايران.وقال: اذا كنا نقبل نتائج التعداد فقط لان عملياته كانت مكلفة فإن هذا التبرير غير منطقي وغير مقبول.و يجب ان نتساءل هنا أين ذهبت الـ 102 مليون دولار التي تم صرفها في عمليات التعداد ما دام التعداد استثني مناطق واسعة بدارفور والجنوب والشرق .وتساءل محمود :اين تم صرف هذه الاموال ؟ واضاف :هذا في حد ذاته سؤال يتطلب تدخل المراجع العام .
وحول الرقابة المستقلة لعمليات التعداد قال محمود: هناك علي الاقل مركز كارتر لمراقبة الانتخابات اكد انه لم يتمكن من مراقبة عملية التعداد لأن الحكومة منعتهم من القيام بالدور الرقابي لذا لا يمكن الركون الي نتائج التقارير.
وفي سياق متصل قال الاستاذ سليمان حامد للميدان:التلاعب بارقام التعداد سيؤدي الي نتائج وخيمة من شأنها ان تفضي الي زعزعة استقرار السودان ،لان هذه الارقام فيها تهميش كبير جدا لعدد كبير من المناطق التي لم يتم فيها التعداد وهذا سيؤثر اثر علي قسمة السلطة والثروة خاصة وان هذا التهميش لهذه المناطق هو الذي تسبب في الحروب السابقة وتفجير الأزمات.لكل هذه الاسباب وقفت عدديه كبيرة من اعضاء المجلس لا تقل كثيرا عن الذين قالوا نعم ،وقفت ضد هذا التقرير.
جدل واسع اثاره تقرير مجلس الاحصاء السكاني الذي قدمه للمجلس الوطني أمس ، وأصوات عالية قالت لا، ونواب رفضوا نتائج التعداد وآخرين طالبوا بإعادته، فهل يا تري ستستجيب الجهات المعنية بالأمر لهذه الأصوات الرافضة أم أن وراء الأكمه ماوراءها ؟
** الميدان
تأجيل الانتخــابات .. مَن يخــاف الديمقراطية ؟
تقرير : عبد القادر محمد عبدالقادر
أعلنت المفوضية القومية للإنتخابات ،الاسبوع الماضي ، عن تأجيل موعد الانتخابات لمدة شهرين آخرين ، لتُجرى في ابريل من العام 2010. وهذا هو التأجيل الثاني لموعد إجراء الانتخابات ، اذ كان من المقرر اجراؤها في فبراير من العام 2010 م ،وقبلها كانت مقررة في يوليو 2009م.
وأفاد بيان صادر عن مفوضية الانتخابات بأنها غيرت الموعد للمرة الثانية ،في غضون ثلاثة أ شهر، وعزت ذلك الي التأخير في الكشف عن نتائج الاحصاء السكاني. وأبان جدول زمني مرفق بالبيان بأن فترة الاقتراع والفرز الجديدة ستكون بين الخامس والثاني عشر من ابريل في العام 2010م.
تستمد هذه الانتخابات اهميتها من انها أول انتخابات ديمقراطية تجري في البلاد خلال أكثر من عشرين عاماً. ويتخوف الناس من ان يؤدي التأجيل المتلاحق لها الي مشكلات تتفاقم مع الايام ويصعب السيطرة عليها وايجاد الحلول الملائمة لها.
اتصلت بالاستاذ علي السيد ، القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل ،و عضو المجلس الوطني ، ليحدثني عن رايه في مسألة تأجيل الانتخابات فقال : يؤخذ علي المفوضية القومية الانتخابات ، انها تدخلت وعدلت في تاريخ اجراء الانتخابات ، وهذا أمر لا يعنيها، ومخالف للدستور لأن موعد اجراء الانتخابات محدد في الدستور بنص واضح ، حيث ينص الدستور في المادة ( 216 ) ، تحت عنوان مواعيد الانتخابات : ( تجري انتخابات عامة علي كل مستويات الحكم بموعد لا يتجاوز نهاية العام الرابع من الفترة الانتقالية) .و هذا نص دستوري واجب الاتباع ، واذا كان هناك تعديل اقتضته الظروف فيجب ان يتم في البرلمان بتعديل الدستور وفقا للمادة (224) من الدستور، التي تعطي الهيئة التشريعية القومية (البرلمان) الحق في تعديل الدستور ، وبما ان مواعيد الانتخابات متعلقة باتفاقية السلام الشامل فان المجلس الوطني لا يستطيع النظر في هذه التعديلات الاّ بموافقة الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني ، وفقا للمادة (224 ) ، الفقرة (2 ) من الدستور . ولكن المفوضية القومية للانتخابات قامت وادعت بأن لها السلطة في تعديل موعد الانتخابات ..وتم ذلك بموجب المادة (10 ) الفقرة( ط ) وهذه الفقرة حسب نصها تتعلق بمهام المفوضية وسلطاتها ، وجاء في هذه الفقرة : ( تأجيل اي اجراء للانتخابات أو الاستفتاء لاي ظرف قاهر وفقا لاحكام القانون) ، هذا النص مقصودا منه تأجيل الإجراءات اثناء الانتخابات وليس تحديد مواعيدها ، وهذا يعني اذا كانت هناك ظروف قاهرة كالامطار، أو الحرب الاهلية ، أو معركة في الدائرة الانتخابية ، فللمفوضية ان تؤجل ذلك الاجراء الي وقت آخر ، ولكن الفقرة ( ي ) من نفس المادة أمرت المفوضية بإعادة اجراء الانتخابات في مدة اقصاها 60 يوماً ، وبهذا فان تأجيل الانتخابات من قبل المفوضية كان خطأها الاول ومن ثم كان سببا في اخطاءها اللا حقة .واضاف السيد قائلاً : الواضح ان هناك اتفاق غير مكتوب بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني لتأخير الانتخابات ،وعدم اجراءها في مواعيدها وقد تم الاتفاق بان يوكل هذا التأجيل للمفوضية القومية للإنتخابات ، وقد كان المؤتمر الوطني يتحدث عن ضرورة تعديل الدستور لتأجيل الانتخابات لكن فجأة سكت عن ذلك.وهذا ما يدلل علي ما ذهبت اليه.
ويوضح السيد: نحن نري ان التأجيل اللاحق هو نتيجة للخطأ الأول ، وليس من حق مفوضية الانتخابات ، والتأجيل الأخير كان متوقعاً طالما مر التأجيل الاول بسلام ، ونخشي ان يتم تأجيل ثالث ورابع الي ان تنتهي الفترة الانتقالية .
وأوضح السيد أهمية اللجوء للمحكمة الدستورية لحسم هذهه القضية، قاائلاص :نري انه من الأفضل اللجؤ الي المحكمة الدستورية لحسم هذا الأمر لان التهاون بالدستور اصبح ظاهراً وواضح، حيث استمر المجلس الوطني رغم انتهاء مدته ، وهو مخالف للدستور، وهذه الحكومة ايضاً تصبح غير شرعية في يوم 9 يوليو 2009 م ، لانه يجب ان ان تقوم حكومة جديدة وفق مجلس وطني منتخب قبل اربع سنوات من نهاية الفترة الانتقالية في 9 يوليو،و يجب ان تشكل حكومة جديدة لأن هذه الحكومة تصبح غير شرعية ووجودها مخالف للدستور.
في ذات السياق ، تحدثت الي الاستاذ كمال عمر عبدالسلام، نائب الامين العام للمؤتمر الشعبي، حول تأجيل الانتخابات، الذي قال : مسألة مواعيد الانتخابات هذه حُسِمت بواسطة اتفاقية السلام الشامل ،والدستور الانتقالي ، وقانون الانتخابات،وكل هذه الوثائق حَسَمت بصورة قاطعة التاريخ المحدد للانتخابات، وحَسَمت سلطة مفوضية الانتخابات، فالمفوضية ليس لديها الحق في تأجيل الانتخابات ، الا وفقا لأحوال استثنائية محددة في نص المادة ( 27) من قانون الانتخابات ، وهي اعلان حالة الطوارئ ، وحالة الطوارئ مُعرَّفة في الدستور بانها حالة حرب او كارثة طبيعية هذه هي احوال الطوارئ لكن الثابت ان المفوضية قامت بتأجيل الانتخابات بحجة تأخُر نتائج الاحصاء السكاني ، وهذا ليس سبباً من الاسباب المُحددة في الدستور أو القانون ، وبالتالي نحن نعتقد ان المفوضية خالفت نص الدستور وقانون الانتخابات للمرة الثانية.. وهذا مؤشر يقدح في حيدة مفوضية الانتخابات ويجعلنا غير مطمئنين علي مستقبل قيام الانتخابات .واضاف عمر قائلاً : كل هذه مؤشرات لأزمة سياسية ناتجة عن هذه التصرفات ومدعومة بالوضع غير الدستوري الذي يمكن ان ان يحل بعد يوم 9 يوليو.وقال : كقوي سياسية نحتاج لأن نعمل لتفادي هذا الظرف. وأمَّن كمال علي أهمية الاجماع الوطني قائلاً :لابد من اجماع وطني تتشكل بموجبه حكومة انتقالية تضمن حيدة ونزاهة العملية الانتخابية في المرحلة القادمة .. مضيفاً : نذر الأزمة كلها: القوانين المقيدة للحريات ، وازمة دارفور، بالاضافة للانتخابات ، وتقرير المصير في الجنوب ، كل هذه تحتاج الي عقلية سياسية جديدة تدير هذه الازمة .
من جانبه تحدث الاستاذ صديق يوسف ، مسئول لجنة الانتخابات بالحزب الشيوعي السوداني ،حول مسالة تأجيل الانتخابات ، قائلاً: هناك مؤشرات ونذر نوايا (مُبيته) من المؤتمر الوطني، منذ بداية 2005 م، لتاجيل الانتخابات،ودلل يوسف علي ذلك بقوله :المؤتمر الوطني خرق الدستور والاتفاقية في عدة مرات، كان أولها عدم إلتزامه بمراجعة القوانين المتعارضة مع الدستور ، فبمجرد التوقيع علي الدستور في يوم 9 مايو 2005 ، كان من المفترض أن يبدأ العمل في مراجعة كل القوانين المتعارضة مع الدستور ،ووهذا الامر لايزال يراوح مكانه، ولم يُنفذ منه شئ،وكذلك قوانين التحول الديمقراطي.
واضاف يوسف : الدستور والاتفاقية نصا علي ان يُجاز قانون الانتخابات، ويتم تكوين مفوضية الانتخابات خلال 6 أشهر من التوقيع علي الدستور في( 9 مايو 2006) ، والقانون اجيز في 2008 .وهذا خرق الدستور في تعطيل القانون، وتكوين المفوضية تأخر لمدة أربعة اشهر.وهناك خرق آخر لللدستور في عملية الاحصاء االسكاني ، يضيف يوسف : الدستور ينص علي اجراء الاحصاء السكاني قبل نهاية العام الثاني من تكوين الحكومة الانتقالية (9 يوليو 2007 م )، إلا إن نتائج الاحصاء السكاني ظهرت في يونيو2009 م !! ، كل هذه النصوص الموجودة في الدستور والاتفاقية قبل نهاية قبل نهاية العام الراابع ..
وحمَل يوسف المؤتمر الوطني مسئولية تأخير ، وأضاف قائلاً : هنالك العديد من المشكلات لازالت قائمة ، ستعترض قيام الانتخابات الحرة النزيهة التي ننشدها ، وحصر تلك المشكلات في : الخلاف حول الاحصاء السكاني ، و القوانين المتعارضة مع الدستور ، وأزمة دارفور، و ترسيم الحدود، مضيفاً : في تقديري ان المؤتمر الوطني غير راغب في قيام الانتخابات ، وذلك لانها ستفقده اغلبيته الميكانيكية التي اعطتها له اتفاقية السلام.
في ذات السياق ، تحدثت الي الاساتذ فاروق أبوعيسي، النائب البرلماني عن كتلة التجمع الوطني الديمقراطي، الذي قال :علي ضوء ما قامت به المفوضية القومية للإنتخابات من تأجيل لموعد إجراء الانتخابات من فبراير الي ابريل ، أجري تحالف المعارضة في اجتماعه الاخير نقاشاً مستفيضاً حول عملية الانتخابات بكلياتها ، وسجل انزعاجه من التأجيل الاخير نسبة لما يرسله هذا التأجيل من من اشارات سالبة علي مجمل العملية الانتخابية وذلك لان شهر أبريل الذي اُجلت له هو الطريق الاول لمرحلة خطر الالغاء الكامل للانتخابات .مضيفاً : اذا حدث اي تأخير آخر لمدة شهر أو شهرين بعد ابريل نكون قد دخلنا في موسم الامطار الذي تستحيل معه الانتخابات في مناطق كثيرة بالسودان ، والتي كانت أحد اسباب التأجيل الأول . هذا بالاضافة الي ان هذا القرار من قِبل المفوضية لم تتشاور فيه مع الاحزاب السياسية وهي المعني الاول بالانتخابات ، ولاحظ الاجتماع إن هذه ليست هي المرة الاولي التي لم تستشر فيها المفوضية الاحزاب، وكان الاول عندما حددت الدوائر الجغرافية اعتمادا علي التعداد السكاني الذي رفضته احزاب التحالف باعتبار انه لم يكن صادقا ولا عادلا، بل رسمه المؤتمر الوطني ليكون حصان طروادة الذي يكسب به الانتخابات القادمة ، وذلك باعتراف الحركة الشعبية الشريك في الحكم والتي تعرف خبايا ورزايا اعمال هذه الحكومة بحكم قربها من المؤتمرالوطني .
واعلن أبوعيسي عن رفض تحالف المعارضة لنتائج التعداد قائلاً : الاحزاب من جديد تعلن رفضها لهذا التعداد ،ورفضها لتأسيس الانتخابات وخاصة الدوائر الجغرافية ، علي أساس هذا التعداد.
وفي معرض حديثه عن اجتماع تحالف المعارضة الذي ردت من خلاله الاحزاب علي تأجيل الانتخابات ، قال ابوعيسي: تعرض الاجتماع لتعيين اللجان العليا للانتخابات والتي لم يحصل تشاور فيها مع الاحزاب ،والتي جاءت في غالبيتها باعضاء من المؤتمر الوطني بمسميات اخري .واضاف: عقب هذا النقاش الذي تم فيه اجماع كل احزاب تحاالف المعارضة قرر الاجتماع اصدار بيان في هذا الخصوص وعقد مؤتمر صحفي لان البيان وحده اصبح غير كاف في وجود الرقابة الامنية علي الصحف التي تنزع كل اخبار المعارضة.واستعرض الاجتماع آخر التطورات بشأن الاعداد لمؤتمر جوبا ، وكانت اللجنة التحضيرية قد فرغت من اعداد الاوراق التي تتناول مواضيع الاجتماع ووزعت هذذه الاوراق علي كل احزاب تحالف المعارضة، بهدف دراستها والتعليق عليها بهدف اجازتها في الاجتماع الدوري للتحالف في هذا الاسبوع ،وطُلب من الللجنة مواصلة اللقاءات التحضيرية بهدف الاتفاق علي كل الترتيبات اللوجستية المؤدية الي ذلك اللقاء...
هاهي المعارضة تنهض بثقلها للوقوف ضد تأجيل الانتخابات ، والمفوضية تؤجل ما شاء لها الهوي ، وشريكي الحكم غارقين في مناكفات(توم وجيري) التي لا تنتهي.. وجماهير الشعب السوداني في انتظار صباح جديد تملؤه اشراقات الديمقراطية والسلام والتنمية ، والطريق الي ذلك يمر عبر بوابة الانتخابات... فـلمصلحة من ياتري يتم تاجيلها من مرة الي اخري ؟ !
** الميدان 7 يوليو 2009م
أعلنت المفوضية القومية للإنتخابات ،الاسبوع الماضي ، عن تأجيل موعد الانتخابات لمدة شهرين آخرين ، لتُجرى في ابريل من العام 2010. وهذا هو التأجيل الثاني لموعد إجراء الانتخابات ، اذ كان من المقرر اجراؤها في فبراير من العام 2010 م ،وقبلها كانت مقررة في يوليو 2009م.
وأفاد بيان صادر عن مفوضية الانتخابات بأنها غيرت الموعد للمرة الثانية ،في غضون ثلاثة أ شهر، وعزت ذلك الي التأخير في الكشف عن نتائج الاحصاء السكاني. وأبان جدول زمني مرفق بالبيان بأن فترة الاقتراع والفرز الجديدة ستكون بين الخامس والثاني عشر من ابريل في العام 2010م.
تستمد هذه الانتخابات اهميتها من انها أول انتخابات ديمقراطية تجري في البلاد خلال أكثر من عشرين عاماً. ويتخوف الناس من ان يؤدي التأجيل المتلاحق لها الي مشكلات تتفاقم مع الايام ويصعب السيطرة عليها وايجاد الحلول الملائمة لها.
اتصلت بالاستاذ علي السيد ، القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل ،و عضو المجلس الوطني ، ليحدثني عن رايه في مسألة تأجيل الانتخابات فقال : يؤخذ علي المفوضية القومية الانتخابات ، انها تدخلت وعدلت في تاريخ اجراء الانتخابات ، وهذا أمر لا يعنيها، ومخالف للدستور لأن موعد اجراء الانتخابات محدد في الدستور بنص واضح ، حيث ينص الدستور في المادة ( 216 ) ، تحت عنوان مواعيد الانتخابات : ( تجري انتخابات عامة علي كل مستويات الحكم بموعد لا يتجاوز نهاية العام الرابع من الفترة الانتقالية) .و هذا نص دستوري واجب الاتباع ، واذا كان هناك تعديل اقتضته الظروف فيجب ان يتم في البرلمان بتعديل الدستور وفقا للمادة (224) من الدستور، التي تعطي الهيئة التشريعية القومية (البرلمان) الحق في تعديل الدستور ، وبما ان مواعيد الانتخابات متعلقة باتفاقية السلام الشامل فان المجلس الوطني لا يستطيع النظر في هذه التعديلات الاّ بموافقة الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني ، وفقا للمادة (224 ) ، الفقرة (2 ) من الدستور . ولكن المفوضية القومية للانتخابات قامت وادعت بأن لها السلطة في تعديل موعد الانتخابات ..وتم ذلك بموجب المادة (10 ) الفقرة( ط ) وهذه الفقرة حسب نصها تتعلق بمهام المفوضية وسلطاتها ، وجاء في هذه الفقرة : ( تأجيل اي اجراء للانتخابات أو الاستفتاء لاي ظرف قاهر وفقا لاحكام القانون) ، هذا النص مقصودا منه تأجيل الإجراءات اثناء الانتخابات وليس تحديد مواعيدها ، وهذا يعني اذا كانت هناك ظروف قاهرة كالامطار، أو الحرب الاهلية ، أو معركة في الدائرة الانتخابية ، فللمفوضية ان تؤجل ذلك الاجراء الي وقت آخر ، ولكن الفقرة ( ي ) من نفس المادة أمرت المفوضية بإعادة اجراء الانتخابات في مدة اقصاها 60 يوماً ، وبهذا فان تأجيل الانتخابات من قبل المفوضية كان خطأها الاول ومن ثم كان سببا في اخطاءها اللا حقة .واضاف السيد قائلاً : الواضح ان هناك اتفاق غير مكتوب بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني لتأخير الانتخابات ،وعدم اجراءها في مواعيدها وقد تم الاتفاق بان يوكل هذا التأجيل للمفوضية القومية للإنتخابات ، وقد كان المؤتمر الوطني يتحدث عن ضرورة تعديل الدستور لتأجيل الانتخابات لكن فجأة سكت عن ذلك.وهذا ما يدلل علي ما ذهبت اليه.
ويوضح السيد: نحن نري ان التأجيل اللاحق هو نتيجة للخطأ الأول ، وليس من حق مفوضية الانتخابات ، والتأجيل الأخير كان متوقعاً طالما مر التأجيل الاول بسلام ، ونخشي ان يتم تأجيل ثالث ورابع الي ان تنتهي الفترة الانتقالية .
وأوضح السيد أهمية اللجوء للمحكمة الدستورية لحسم هذهه القضية، قاائلاص :نري انه من الأفضل اللجؤ الي المحكمة الدستورية لحسم هذا الأمر لان التهاون بالدستور اصبح ظاهراً وواضح، حيث استمر المجلس الوطني رغم انتهاء مدته ، وهو مخالف للدستور، وهذه الحكومة ايضاً تصبح غير شرعية في يوم 9 يوليو 2009 م ، لانه يجب ان ان تقوم حكومة جديدة وفق مجلس وطني منتخب قبل اربع سنوات من نهاية الفترة الانتقالية في 9 يوليو،و يجب ان تشكل حكومة جديدة لأن هذه الحكومة تصبح غير شرعية ووجودها مخالف للدستور.
في ذات السياق ، تحدثت الي الاستاذ كمال عمر عبدالسلام، نائب الامين العام للمؤتمر الشعبي، حول تأجيل الانتخابات، الذي قال : مسألة مواعيد الانتخابات هذه حُسِمت بواسطة اتفاقية السلام الشامل ،والدستور الانتقالي ، وقانون الانتخابات،وكل هذه الوثائق حَسَمت بصورة قاطعة التاريخ المحدد للانتخابات، وحَسَمت سلطة مفوضية الانتخابات، فالمفوضية ليس لديها الحق في تأجيل الانتخابات ، الا وفقا لأحوال استثنائية محددة في نص المادة ( 27) من قانون الانتخابات ، وهي اعلان حالة الطوارئ ، وحالة الطوارئ مُعرَّفة في الدستور بانها حالة حرب او كارثة طبيعية هذه هي احوال الطوارئ لكن الثابت ان المفوضية قامت بتأجيل الانتخابات بحجة تأخُر نتائج الاحصاء السكاني ، وهذا ليس سبباً من الاسباب المُحددة في الدستور أو القانون ، وبالتالي نحن نعتقد ان المفوضية خالفت نص الدستور وقانون الانتخابات للمرة الثانية.. وهذا مؤشر يقدح في حيدة مفوضية الانتخابات ويجعلنا غير مطمئنين علي مستقبل قيام الانتخابات .واضاف عمر قائلاً : كل هذه مؤشرات لأزمة سياسية ناتجة عن هذه التصرفات ومدعومة بالوضع غير الدستوري الذي يمكن ان ان يحل بعد يوم 9 يوليو.وقال : كقوي سياسية نحتاج لأن نعمل لتفادي هذا الظرف. وأمَّن كمال علي أهمية الاجماع الوطني قائلاً :لابد من اجماع وطني تتشكل بموجبه حكومة انتقالية تضمن حيدة ونزاهة العملية الانتخابية في المرحلة القادمة .. مضيفاً : نذر الأزمة كلها: القوانين المقيدة للحريات ، وازمة دارفور، بالاضافة للانتخابات ، وتقرير المصير في الجنوب ، كل هذه تحتاج الي عقلية سياسية جديدة تدير هذه الازمة .
من جانبه تحدث الاستاذ صديق يوسف ، مسئول لجنة الانتخابات بالحزب الشيوعي السوداني ،حول مسالة تأجيل الانتخابات ، قائلاً: هناك مؤشرات ونذر نوايا (مُبيته) من المؤتمر الوطني، منذ بداية 2005 م، لتاجيل الانتخابات،ودلل يوسف علي ذلك بقوله :المؤتمر الوطني خرق الدستور والاتفاقية في عدة مرات، كان أولها عدم إلتزامه بمراجعة القوانين المتعارضة مع الدستور ، فبمجرد التوقيع علي الدستور في يوم 9 مايو 2005 ، كان من المفترض أن يبدأ العمل في مراجعة كل القوانين المتعارضة مع الدستور ،ووهذا الامر لايزال يراوح مكانه، ولم يُنفذ منه شئ،وكذلك قوانين التحول الديمقراطي.
واضاف يوسف : الدستور والاتفاقية نصا علي ان يُجاز قانون الانتخابات، ويتم تكوين مفوضية الانتخابات خلال 6 أشهر من التوقيع علي الدستور في( 9 مايو 2006) ، والقانون اجيز في 2008 .وهذا خرق الدستور في تعطيل القانون، وتكوين المفوضية تأخر لمدة أربعة اشهر.وهناك خرق آخر لللدستور في عملية الاحصاء االسكاني ، يضيف يوسف : الدستور ينص علي اجراء الاحصاء السكاني قبل نهاية العام الثاني من تكوين الحكومة الانتقالية (9 يوليو 2007 م )، إلا إن نتائج الاحصاء السكاني ظهرت في يونيو2009 م !! ، كل هذه النصوص الموجودة في الدستور والاتفاقية قبل نهاية قبل نهاية العام الراابع ..
وحمَل يوسف المؤتمر الوطني مسئولية تأخير ، وأضاف قائلاً : هنالك العديد من المشكلات لازالت قائمة ، ستعترض قيام الانتخابات الحرة النزيهة التي ننشدها ، وحصر تلك المشكلات في : الخلاف حول الاحصاء السكاني ، و القوانين المتعارضة مع الدستور ، وأزمة دارفور، و ترسيم الحدود، مضيفاً : في تقديري ان المؤتمر الوطني غير راغب في قيام الانتخابات ، وذلك لانها ستفقده اغلبيته الميكانيكية التي اعطتها له اتفاقية السلام.
في ذات السياق ، تحدثت الي الاساتذ فاروق أبوعيسي، النائب البرلماني عن كتلة التجمع الوطني الديمقراطي، الذي قال :علي ضوء ما قامت به المفوضية القومية للإنتخابات من تأجيل لموعد إجراء الانتخابات من فبراير الي ابريل ، أجري تحالف المعارضة في اجتماعه الاخير نقاشاً مستفيضاً حول عملية الانتخابات بكلياتها ، وسجل انزعاجه من التأجيل الاخير نسبة لما يرسله هذا التأجيل من من اشارات سالبة علي مجمل العملية الانتخابية وذلك لان شهر أبريل الذي اُجلت له هو الطريق الاول لمرحلة خطر الالغاء الكامل للانتخابات .مضيفاً : اذا حدث اي تأخير آخر لمدة شهر أو شهرين بعد ابريل نكون قد دخلنا في موسم الامطار الذي تستحيل معه الانتخابات في مناطق كثيرة بالسودان ، والتي كانت أحد اسباب التأجيل الأول . هذا بالاضافة الي ان هذا القرار من قِبل المفوضية لم تتشاور فيه مع الاحزاب السياسية وهي المعني الاول بالانتخابات ، ولاحظ الاجتماع إن هذه ليست هي المرة الاولي التي لم تستشر فيها المفوضية الاحزاب، وكان الاول عندما حددت الدوائر الجغرافية اعتمادا علي التعداد السكاني الذي رفضته احزاب التحالف باعتبار انه لم يكن صادقا ولا عادلا، بل رسمه المؤتمر الوطني ليكون حصان طروادة الذي يكسب به الانتخابات القادمة ، وذلك باعتراف الحركة الشعبية الشريك في الحكم والتي تعرف خبايا ورزايا اعمال هذه الحكومة بحكم قربها من المؤتمرالوطني .
واعلن أبوعيسي عن رفض تحالف المعارضة لنتائج التعداد قائلاً : الاحزاب من جديد تعلن رفضها لهذا التعداد ،ورفضها لتأسيس الانتخابات وخاصة الدوائر الجغرافية ، علي أساس هذا التعداد.
وفي معرض حديثه عن اجتماع تحالف المعارضة الذي ردت من خلاله الاحزاب علي تأجيل الانتخابات ، قال ابوعيسي: تعرض الاجتماع لتعيين اللجان العليا للانتخابات والتي لم يحصل تشاور فيها مع الاحزاب ،والتي جاءت في غالبيتها باعضاء من المؤتمر الوطني بمسميات اخري .واضاف: عقب هذا النقاش الذي تم فيه اجماع كل احزاب تحاالف المعارضة قرر الاجتماع اصدار بيان في هذا الخصوص وعقد مؤتمر صحفي لان البيان وحده اصبح غير كاف في وجود الرقابة الامنية علي الصحف التي تنزع كل اخبار المعارضة.واستعرض الاجتماع آخر التطورات بشأن الاعداد لمؤتمر جوبا ، وكانت اللجنة التحضيرية قد فرغت من اعداد الاوراق التي تتناول مواضيع الاجتماع ووزعت هذذه الاوراق علي كل احزاب تحالف المعارضة، بهدف دراستها والتعليق عليها بهدف اجازتها في الاجتماع الدوري للتحالف في هذا الاسبوع ،وطُلب من الللجنة مواصلة اللقاءات التحضيرية بهدف الاتفاق علي كل الترتيبات اللوجستية المؤدية الي ذلك اللقاء...
هاهي المعارضة تنهض بثقلها للوقوف ضد تأجيل الانتخابات ، والمفوضية تؤجل ما شاء لها الهوي ، وشريكي الحكم غارقين في مناكفات(توم وجيري) التي لا تنتهي.. وجماهير الشعب السوداني في انتظار صباح جديد تملؤه اشراقات الديمقراطية والسلام والتنمية ، والطريق الي ذلك يمر عبر بوابة الانتخابات... فـلمصلحة من ياتري يتم تاجيلها من مرة الي اخري ؟ !
** الميدان 7 يوليو 2009م
الحريات الصحفية في الجنوب .. تحديات ومصاعب وتفاؤل عظيم !!
الحريات الصحفية في الجنوب .. تحديات ومصاعب وتفاؤل عظيم !!
من جوبا / تحقيق وترجمة وتصوير:
عبدالقادر محمد عبدالقادر
الاعلام بين الحرب والسلم :
أدت الحروبات التي اندلعت في جنوب السودان،واستمرت لما يقارب العقدين من الزمان، الي تدمير كافة البني التحتية والخدمات وخلفت ما خلفت من خسائر فادحة علي مستويات عديدة ، سواء في الأرواح أو الممتلكات او علي مستوي البيئة،وتدمير الحياة الطبيعية.
ولم يكن قطاع الاعلام بمنأي عن ما طال الجنوب من لعنة الحرب، وبعد توقيع اتفاق السلام في 2005م،بدأ ت الصحف والمجلات والإذاعات في تأسيس مقارها والعمل علي دعم السلام الذي يتوق اليه أبناء الاقليم الجنوبي الذين أرهقتهم الحرب.وبدأت صناعة الاعلام في الإزدهار والتطور.
وتوجد في جوبا وبقية مدن جنوب السودان الآن 8 صحف ،وأربعة مجلات ، و25 راديو ومحطة إذاعية محلية، وثلاث محطات تلفزة.
إلا ان هذه الوسائل الإعلامية المتعددة تواجهها الكثير من التحديات لتصبح وسائل اعلامية فاعلة في محيطها.وتعمل علي تلافي آثار الحرب ودعم العملية السلمية.
يقول تقرير (الإعلام في السودان علي مفترق طرق ، الذي أصدرته جمعية تطوير وسائل الاعلام بجنوب السودان (AMDISS) ، ومركز الخرطوم لحقوق الإنسان وشركائهم ) : أدي توقيع اتفاقية السلام الشامل في العام 2005 م إلي فتح مجال أمام مشاريع أكثر ديمقراطية للمؤسسات والممارسات الإعلامية كما وأثمرت عن عدد من التغييرات في وضع الإعلام في السودان .كان التطور ملحوظاً،لا سيما في الصحافة المطبوعة.لكن تواصلت العوائق الاساسية المُهددة للإعلام الحر والمستقل، مع تزايد مشاكل الرقابة والتحكم واضطهاد ومحاكمة الصحفيين وممثلي الإعلام.بالاضافة الي ذلك،فان مدي إتساع حرية التعبير عن الراي يرتبط بالاختلافات الاقليمية.فالمناخ السياسي في الشمال مختلف عن ذلك في الجنوب.علاوة علي ذلك،فإن النزاع في دارفور يقيد عمل الإعلاميين الناشطين في تلك المنطقة.
الحريات الصحفية .. الواقع والمأمول !
ومن خلال تواجدي بمدينة جوبا لمست الكثير من الاختلاف في المناخ السياسي بين الشمال والجنوب. هناك انفتاح الي حد معقول ، دعم ملاحظاتي هذه حديث الاستاذ تعبان موللي عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ، الذي أكد لي : (اوضاع الحريات هنا افضل بكثير من الشمال)...أما في مجال الحريات الصحفية وحق التعبير ، فقد تحدثت الي الكثير من المهتمين ، وأكدوا لي توفر الحريات الصحفية الي حد معقول .. إلا ان ما شاهدته خلال تواجدي بمدينة جوبا ، وما عايشته يذهب الي خلاف ذلك ... وهناك ايضاً الكثير من المشكلات التي يعاني منها قطاع الاعلام هنا تتمثل في غياب التشريعات الصحفية وانعدام المطابع في جنوب السودان والتي تعتبر من أكبر التحديات التي يواجهها الصحفيين والصحفيات في الجنوب.بالإضافة الي حالات المضايقات المتفرقة التي يتعرض لها الصحفيون والصحفيات من قبل الاجهزة الامنية والشرطية ، والتي يعتبرونها حالات فردية ومنافية لسياسات حكومة الجنوب تجاه الحريات الصحفية.
قالت الحكومة ...!:
يعزي السيد غابريل شانغستون شانغ وزير الاعلام والاذاعة بحكومة الجنوب غياب القوانين والتشريعات الاعلامية الي عدم انتظام اجتماعات القطاع السيادي بمجلس الوزراء، إلاَّ أنه أكد اهتمام وزارته بأمر التشريعات الاعلامية قائلاً:بالأمس اتصلت بوزير الشئون القانونية بحكومة الجنوب واستعجلته اجازة قانون الصحافة.
وفيما يتعلق بقضايا الحريات الصحفية ،يقر شانغشتون بوجود حالات قليلة من المضايقات التي يتعرض لها الصحفيون.حيث يقول شانغستون:هنالك حالات نادرة للمضايقات التي يتعرض لها الصحفيين،لكن ليس لدينا اي توجيهات بممارسة ضغوط علي الصحافة والصحفيين ،ويضيف: لقد قمنا بمطالبة الجهات التي تضايق الصحفيين ان تكف عن مثل هكذا ممارسات.وقال شانغستون الذي كان يتحدث لـ ( الميدان ، ضمن لقاء مع مجموعة من الصحفيين ) : نحن لا نراقب الاعلام وذلك ايماناً منا باهمية دوره في الممارسة الديمقراطية ،بل نسعي الي تطوير هذا القطاع الهام. وأشار الي ان الصحفيين يقومون بالعديد من التجاوزات، قائلاً: هناك تجاوزات تحدث من الصحفيين ،لكن نحن قررنا ان نصبر علي ممارسات الصحافة السالبة الي ان يتم تدريب الصحفيين والي حين صدور التشريعات الملائمة التي تقنن عمل الصحافة.
وحول خطط وزارته لتطوير قطاع الاعلام ، قال السيد شانغستون: ستمتلك حكومة جنوب السودان قبل نهاية هذا العام مطبعة ،وستطبع الصحف في جوبا ، بدلاً عن ما يحدث الآن ، إذ يتم طباعة الصحف المحلية في الخرطوم أو كمبالا أو نيروبي. وقال :لدينا برنامج مشترك مع الـ (UNDP) وجهات اخري لانشاء مطبعة في جنوب السودان ، وتسير هذه الخطوات الي الامام بشكل جيد.وأردف قائلاً :هذا من ناحية اقتصادية يجعل تداول الاموال في نطاق الجنوب ،وسيسهم في تحسين الخدمات ويؤدي قطعاً الي تنمية الجنوب.وفي إطار استعدادات وزارته للعملية الانتخابية المقبلة يقول شانغستون: أسست وزارة الاعلام الآن وحدة اعلامية خاصة بتغطية الانتخابات،ونعمل الان علي تدريب هذه الوحدة وتأهيل كوادرها.مؤكداً ان وزارته تدعم النظام الديمقراطي والتعددية الحزبية، وتعمل بشفافية في اطار توفير الحريات الصحفية التي تحافظ علي وتدعم نظام الحكم الرشيد والتحول الديمقراطي.
مضايقات وانتهاكات !! :
بمجرد انتهاء مقابلتي مع السيد وزير الإعلام ، فجعني خبر اعتقال الأستاذ : شارلس ريحان ، رئيس تحرير صحيفة جوبا بوست ، الصحيفة المحلية الرائجة في هذه المدينة.. إستفظاعي لأنتهاك اي حق من الحقوق الانسانية جعلني في وضع الحياد الصعب.. تركت جانباً مهمتي الصحفية ،وحملت انزعاجي وعبء الدفاع عن حق هذا السجين.. أتصلت بعدد من الزملاء الصحفيين من الجنوب والشمال كانوا بمدينة جوبا،واتفقنا علي مخاطبة وزير الاعلام والجهات ذات الصلة لمعرفة ملابسات اعتقال ريحان.إلا إن السلطات كانت قد اطلقت سراحه بعد مضي ساعتين من الاعتقال.
بذلك الانزعاج توجهت ـ برفقة عدد من الصحفيين ـ مباشرة الي مقر صحيفة جوبا بوست لأقف عن قرب علي ملابسات الاعتقال .وجدت الاستاذ شارلس ريحان بمكتبه بالصحيفة ، وكانت السلطات أطلقت سراحه بعد حوالي ساعتين من الاعتقال.
في حديثه معي قال الأستاذ سارلش ان الاعتقال تم علي خلفية نشر الصحيفة لموضوعات تتعلق باحداث الصراع القبلي الذي دار بين مجموعتي الباريا والمنداري، واضاف: هنا في الجنوب توجد صراعات قبلية مؤلمة ، ومعالجة الصحفيين وتناولهم لهذا الموضوع يمكن ان يزعج رجال الأمن والقائمين علي أمره هنا، وقال ريحان: حضر في وقت مبكر من صبيحة اليوم رجال من الشرطة وطلبوا مني ان اذهب معهم لمقر رئاستهم ، وأخبروني بأن هذا الإجراء هو اجراء عادي . لم يحققوا ،ولم يتم توجيه اي اتهام ضدي ،فقط طلبوا مني ان اتجنب الحديث عن موضوع الصراعات القبلية الي حين الوصول لحل هذه الصراعات خصوصاً وان هناك الآن مؤتمرات صلح بين الاطراف المتحاربة.وقال شارلس :هناك حالات نادرة من المضايقات يتعرض لها الصحفيون هنا في الجنوب،، لكن علي كل حال الوضع هنا أفضل ، ولا توجد رقابة علي الصحف .وأفادني الأستاذ شارلس أن اوضاع الحريات الصحفية في الجنوب أفضل بالمقارنة مع بقية أجزاء الوطن الأخري ، وقال : ان غياب القوانين والتشريعات الصحفية والاعلامية يؤثر سلباً علي العمل الصحفي ، لا سيما التشريعات المتعلقة بالحصول علي المعلومات .
تفاؤل برغم التحديات ! :
الإعلام في جنوب السودان يسير الي الامام بخطوات جيدة وواثقة،لان الشعب السوداني في الجنوب كممت أفواهه طويلاً، ولا مجال بعد الآن للصمت.هذا ما قاله للـ(الميدان) السيد ماك مايكا مدير مركز (أمديس) الذي يعمل في مجال تطوير قطاع الاعلام وتدريب الصحفيين.وحصر مايكا مشكلات الصحافة في جنوب السودان بعدم وجود مطابع في الجنوب ، وتفشي الأمية ،وتدني اجور الصحفيين،وغياب التشريعات الاعلامية التي تضمن حق الوصول للمعلومات.ووصف مايكا الاعلام في جنوب السودان بأنه اعلام شعبي ومستقل،وليس اعلاماً حكومياً.مؤكداً عدم وجود اي قيود علي الاعلام في الجنوب.وقال نحن نسعي الآن الي توفير وايجاد مطابع خاصة بالجنوب ونعمل في هذا بشراكة مع اتحاد الصحفيين في الجنوب.ونسعي كذلك الي تطوير مهنة الصحافة وتدريب الصحفيين.وأكد مايكا ان :الصحفي في الجنوب يكتب ما يشاء ،وليس لدينا مجلس للصحافة ولاتوجد شروط أو قيود لممارسة المهنة.
الاستاذ جيمس أوكانجا، مستشار اتحاد الصحفيين بجنوب السودان،قال في حديثه للميدان :يواجه الصحفيين في جنوب السودان بالعديد من التحديات من بينها علي سبيل المثال: ضعف الرواتب،وضعف القدرات،ولايوجد صحفيين محترفين بالمعني ،ويوجد من بين ممارسي مهنة الصحافة من هم موظفين في وزارة الاعلام.واضاف :هذا ما يجعلهم علي معرفة ضئيلة بقوانين الاعلام ،والمواثيق التي تحكم المهنة.وقال أوكاجا ان ما يؤرقهم في اتحاد الصحفيين هو عدم وجود مطابع في جنوب السودان وحتي معينات العمل بالنسبة للصحفيين غير متوفرة.
واكد أوكاجا ان هناك الكثير من المحفزات لتطوير مهنة الصحافة منها عدم وجود رقابة حكومية علي الصحف والصحفيين،مبيناً : ان وضع الحريات في الجنوب أفضل بكثير ، ولا توجد رقابة،ولا خطوط حمراء،ولا رقابة ذاتية،وقال : يمكنك هنا ان تنتقد الحكومة كما تشاء وبحرية تامة دون ان تواجه اي اذي.كما ينشر المسئولين عن التحرير في الصحف هنا اي رسائل تردهم من القراء مهما كانت،وأضاف: أعتقد ان الحريات الصحفية هنا في الجنوب تأثرت بشكل واضح بالحريات المتوفرة في دول الجوار الافريقي كينيا ويوغندا.
الصحفية الشابة إيستا موومبي،المحررة بصحيفة جوبا بوست،قالت في حديثها للميدان ان من اكبر المشاكل التي تواجه الصحفيين الشباب هي ضعف المرتبات،وعدم تمكنهم من الوصول للمعلومات،بجانب ذلك يواجه الصحفيين الشباب مشكلة عدم نشر معظم تقاريرهم وكتاباتهم ويعزون ذلك الي عدم توفر الخبرات للصحفيين الشباب.
توقيف وتعطيل الصحفيين !:
قبل ان اكمل مهمتي الصحفية بمدينة جوبا،وأثناء تجوالي وزميلي الصحفي عادل بدر علي في أحد أسواق المدينة أوقفتنا استخبارات الشرطة العسكرية ، واقتادتنا الي مقر رئاسة الاستخبارات العسكرية ، وهناك تم تفتيشنا واغلاق اجهزة الاتصال الخاصة بنا ومكثنا في ذلك المبني لما يقارب الساعتين.وعقب اطلاق سراحنا قمنا بالاتصال بمسئولين حكوميين وأخبرناهم بما حدث.الا ان حكومة الجنوب لم تبلغ اعتذارها لاي من الصحفيين الذين قامت الاجهزة الأمنية بمضايقتهم..وتكررت حالات المضايقات هذه لعدد من الصحفيين من بينهم الزميلة بأجراس الحرية أمل هباني.
بالرغم من المضايقات والاعتقالات التي يتعرض لها الصحفيون في الجنوب ، وبالرغم من المشكلات التي يواجهها قطاع الإعلام ، إلا إنه يمكن القول بشئ من التفاؤل إن الإعلام في الجنوب قطاع ينمو ويزدهر في ظل اوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية قاسية الا ان توفر ارادة العمل الجاد لدي الصحفيين تجعل امكانية تطور هذا القطاع الحيوي ممكنة وتسير بخطي واثقة نحو الامام. حكومة الجنوب تتفهم مشكلات قطاع الاعلام وتعمل علي دعم ايجاد الحلول لها الا ان سطوة العسكريين في شوارع جوبا تجعل من تعهدات حكومة الجنوب حبراً علي ورق .. فهل يا تري ستعمل حكومة الجنوب علي تقنين سلطة العسكر وتمديد نفوذ الاعلام ليعالج ما تبقي في النفوس من مرارات الحرب ... ؟ .... ذلك أملنا .
من جوبا / تحقيق وترجمة وتصوير:
عبدالقادر محمد عبدالقادر
الاعلام بين الحرب والسلم :
أدت الحروبات التي اندلعت في جنوب السودان،واستمرت لما يقارب العقدين من الزمان، الي تدمير كافة البني التحتية والخدمات وخلفت ما خلفت من خسائر فادحة علي مستويات عديدة ، سواء في الأرواح أو الممتلكات او علي مستوي البيئة،وتدمير الحياة الطبيعية.
ولم يكن قطاع الاعلام بمنأي عن ما طال الجنوب من لعنة الحرب، وبعد توقيع اتفاق السلام في 2005م،بدأ ت الصحف والمجلات والإذاعات في تأسيس مقارها والعمل علي دعم السلام الذي يتوق اليه أبناء الاقليم الجنوبي الذين أرهقتهم الحرب.وبدأت صناعة الاعلام في الإزدهار والتطور.
وتوجد في جوبا وبقية مدن جنوب السودان الآن 8 صحف ،وأربعة مجلات ، و25 راديو ومحطة إذاعية محلية، وثلاث محطات تلفزة.
إلا ان هذه الوسائل الإعلامية المتعددة تواجهها الكثير من التحديات لتصبح وسائل اعلامية فاعلة في محيطها.وتعمل علي تلافي آثار الحرب ودعم العملية السلمية.
يقول تقرير (الإعلام في السودان علي مفترق طرق ، الذي أصدرته جمعية تطوير وسائل الاعلام بجنوب السودان (AMDISS) ، ومركز الخرطوم لحقوق الإنسان وشركائهم ) : أدي توقيع اتفاقية السلام الشامل في العام 2005 م إلي فتح مجال أمام مشاريع أكثر ديمقراطية للمؤسسات والممارسات الإعلامية كما وأثمرت عن عدد من التغييرات في وضع الإعلام في السودان .كان التطور ملحوظاً،لا سيما في الصحافة المطبوعة.لكن تواصلت العوائق الاساسية المُهددة للإعلام الحر والمستقل، مع تزايد مشاكل الرقابة والتحكم واضطهاد ومحاكمة الصحفيين وممثلي الإعلام.بالاضافة الي ذلك،فان مدي إتساع حرية التعبير عن الراي يرتبط بالاختلافات الاقليمية.فالمناخ السياسي في الشمال مختلف عن ذلك في الجنوب.علاوة علي ذلك،فإن النزاع في دارفور يقيد عمل الإعلاميين الناشطين في تلك المنطقة.
الحريات الصحفية .. الواقع والمأمول !
ومن خلال تواجدي بمدينة جوبا لمست الكثير من الاختلاف في المناخ السياسي بين الشمال والجنوب. هناك انفتاح الي حد معقول ، دعم ملاحظاتي هذه حديث الاستاذ تعبان موللي عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ، الذي أكد لي : (اوضاع الحريات هنا افضل بكثير من الشمال)...أما في مجال الحريات الصحفية وحق التعبير ، فقد تحدثت الي الكثير من المهتمين ، وأكدوا لي توفر الحريات الصحفية الي حد معقول .. إلا ان ما شاهدته خلال تواجدي بمدينة جوبا ، وما عايشته يذهب الي خلاف ذلك ... وهناك ايضاً الكثير من المشكلات التي يعاني منها قطاع الاعلام هنا تتمثل في غياب التشريعات الصحفية وانعدام المطابع في جنوب السودان والتي تعتبر من أكبر التحديات التي يواجهها الصحفيين والصحفيات في الجنوب.بالإضافة الي حالات المضايقات المتفرقة التي يتعرض لها الصحفيون والصحفيات من قبل الاجهزة الامنية والشرطية ، والتي يعتبرونها حالات فردية ومنافية لسياسات حكومة الجنوب تجاه الحريات الصحفية.
قالت الحكومة ...!:
يعزي السيد غابريل شانغستون شانغ وزير الاعلام والاذاعة بحكومة الجنوب غياب القوانين والتشريعات الاعلامية الي عدم انتظام اجتماعات القطاع السيادي بمجلس الوزراء، إلاَّ أنه أكد اهتمام وزارته بأمر التشريعات الاعلامية قائلاً:بالأمس اتصلت بوزير الشئون القانونية بحكومة الجنوب واستعجلته اجازة قانون الصحافة.
وفيما يتعلق بقضايا الحريات الصحفية ،يقر شانغشتون بوجود حالات قليلة من المضايقات التي يتعرض لها الصحفيون.حيث يقول شانغستون:هنالك حالات نادرة للمضايقات التي يتعرض لها الصحفيين،لكن ليس لدينا اي توجيهات بممارسة ضغوط علي الصحافة والصحفيين ،ويضيف: لقد قمنا بمطالبة الجهات التي تضايق الصحفيين ان تكف عن مثل هكذا ممارسات.وقال شانغستون الذي كان يتحدث لـ ( الميدان ، ضمن لقاء مع مجموعة من الصحفيين ) : نحن لا نراقب الاعلام وذلك ايماناً منا باهمية دوره في الممارسة الديمقراطية ،بل نسعي الي تطوير هذا القطاع الهام. وأشار الي ان الصحفيين يقومون بالعديد من التجاوزات، قائلاً: هناك تجاوزات تحدث من الصحفيين ،لكن نحن قررنا ان نصبر علي ممارسات الصحافة السالبة الي ان يتم تدريب الصحفيين والي حين صدور التشريعات الملائمة التي تقنن عمل الصحافة.
وحول خطط وزارته لتطوير قطاع الاعلام ، قال السيد شانغستون: ستمتلك حكومة جنوب السودان قبل نهاية هذا العام مطبعة ،وستطبع الصحف في جوبا ، بدلاً عن ما يحدث الآن ، إذ يتم طباعة الصحف المحلية في الخرطوم أو كمبالا أو نيروبي. وقال :لدينا برنامج مشترك مع الـ (UNDP) وجهات اخري لانشاء مطبعة في جنوب السودان ، وتسير هذه الخطوات الي الامام بشكل جيد.وأردف قائلاً :هذا من ناحية اقتصادية يجعل تداول الاموال في نطاق الجنوب ،وسيسهم في تحسين الخدمات ويؤدي قطعاً الي تنمية الجنوب.وفي إطار استعدادات وزارته للعملية الانتخابية المقبلة يقول شانغستون: أسست وزارة الاعلام الآن وحدة اعلامية خاصة بتغطية الانتخابات،ونعمل الان علي تدريب هذه الوحدة وتأهيل كوادرها.مؤكداً ان وزارته تدعم النظام الديمقراطي والتعددية الحزبية، وتعمل بشفافية في اطار توفير الحريات الصحفية التي تحافظ علي وتدعم نظام الحكم الرشيد والتحول الديمقراطي.
مضايقات وانتهاكات !! :
بمجرد انتهاء مقابلتي مع السيد وزير الإعلام ، فجعني خبر اعتقال الأستاذ : شارلس ريحان ، رئيس تحرير صحيفة جوبا بوست ، الصحيفة المحلية الرائجة في هذه المدينة.. إستفظاعي لأنتهاك اي حق من الحقوق الانسانية جعلني في وضع الحياد الصعب.. تركت جانباً مهمتي الصحفية ،وحملت انزعاجي وعبء الدفاع عن حق هذا السجين.. أتصلت بعدد من الزملاء الصحفيين من الجنوب والشمال كانوا بمدينة جوبا،واتفقنا علي مخاطبة وزير الاعلام والجهات ذات الصلة لمعرفة ملابسات اعتقال ريحان.إلا إن السلطات كانت قد اطلقت سراحه بعد مضي ساعتين من الاعتقال.
بذلك الانزعاج توجهت ـ برفقة عدد من الصحفيين ـ مباشرة الي مقر صحيفة جوبا بوست لأقف عن قرب علي ملابسات الاعتقال .وجدت الاستاذ شارلس ريحان بمكتبه بالصحيفة ، وكانت السلطات أطلقت سراحه بعد حوالي ساعتين من الاعتقال.
في حديثه معي قال الأستاذ سارلش ان الاعتقال تم علي خلفية نشر الصحيفة لموضوعات تتعلق باحداث الصراع القبلي الذي دار بين مجموعتي الباريا والمنداري، واضاف: هنا في الجنوب توجد صراعات قبلية مؤلمة ، ومعالجة الصحفيين وتناولهم لهذا الموضوع يمكن ان يزعج رجال الأمن والقائمين علي أمره هنا، وقال ريحان: حضر في وقت مبكر من صبيحة اليوم رجال من الشرطة وطلبوا مني ان اذهب معهم لمقر رئاستهم ، وأخبروني بأن هذا الإجراء هو اجراء عادي . لم يحققوا ،ولم يتم توجيه اي اتهام ضدي ،فقط طلبوا مني ان اتجنب الحديث عن موضوع الصراعات القبلية الي حين الوصول لحل هذه الصراعات خصوصاً وان هناك الآن مؤتمرات صلح بين الاطراف المتحاربة.وقال شارلس :هناك حالات نادرة من المضايقات يتعرض لها الصحفيون هنا في الجنوب،، لكن علي كل حال الوضع هنا أفضل ، ولا توجد رقابة علي الصحف .وأفادني الأستاذ شارلس أن اوضاع الحريات الصحفية في الجنوب أفضل بالمقارنة مع بقية أجزاء الوطن الأخري ، وقال : ان غياب القوانين والتشريعات الصحفية والاعلامية يؤثر سلباً علي العمل الصحفي ، لا سيما التشريعات المتعلقة بالحصول علي المعلومات .
تفاؤل برغم التحديات ! :
الإعلام في جنوب السودان يسير الي الامام بخطوات جيدة وواثقة،لان الشعب السوداني في الجنوب كممت أفواهه طويلاً، ولا مجال بعد الآن للصمت.هذا ما قاله للـ(الميدان) السيد ماك مايكا مدير مركز (أمديس) الذي يعمل في مجال تطوير قطاع الاعلام وتدريب الصحفيين.وحصر مايكا مشكلات الصحافة في جنوب السودان بعدم وجود مطابع في الجنوب ، وتفشي الأمية ،وتدني اجور الصحفيين،وغياب التشريعات الاعلامية التي تضمن حق الوصول للمعلومات.ووصف مايكا الاعلام في جنوب السودان بأنه اعلام شعبي ومستقل،وليس اعلاماً حكومياً.مؤكداً عدم وجود اي قيود علي الاعلام في الجنوب.وقال نحن نسعي الآن الي توفير وايجاد مطابع خاصة بالجنوب ونعمل في هذا بشراكة مع اتحاد الصحفيين في الجنوب.ونسعي كذلك الي تطوير مهنة الصحافة وتدريب الصحفيين.وأكد مايكا ان :الصحفي في الجنوب يكتب ما يشاء ،وليس لدينا مجلس للصحافة ولاتوجد شروط أو قيود لممارسة المهنة.
الاستاذ جيمس أوكانجا، مستشار اتحاد الصحفيين بجنوب السودان،قال في حديثه للميدان :يواجه الصحفيين في جنوب السودان بالعديد من التحديات من بينها علي سبيل المثال: ضعف الرواتب،وضعف القدرات،ولايوجد صحفيين محترفين بالمعني ،ويوجد من بين ممارسي مهنة الصحافة من هم موظفين في وزارة الاعلام.واضاف :هذا ما يجعلهم علي معرفة ضئيلة بقوانين الاعلام ،والمواثيق التي تحكم المهنة.وقال أوكاجا ان ما يؤرقهم في اتحاد الصحفيين هو عدم وجود مطابع في جنوب السودان وحتي معينات العمل بالنسبة للصحفيين غير متوفرة.
واكد أوكاجا ان هناك الكثير من المحفزات لتطوير مهنة الصحافة منها عدم وجود رقابة حكومية علي الصحف والصحفيين،مبيناً : ان وضع الحريات في الجنوب أفضل بكثير ، ولا توجد رقابة،ولا خطوط حمراء،ولا رقابة ذاتية،وقال : يمكنك هنا ان تنتقد الحكومة كما تشاء وبحرية تامة دون ان تواجه اي اذي.كما ينشر المسئولين عن التحرير في الصحف هنا اي رسائل تردهم من القراء مهما كانت،وأضاف: أعتقد ان الحريات الصحفية هنا في الجنوب تأثرت بشكل واضح بالحريات المتوفرة في دول الجوار الافريقي كينيا ويوغندا.
الصحفية الشابة إيستا موومبي،المحررة بصحيفة جوبا بوست،قالت في حديثها للميدان ان من اكبر المشاكل التي تواجه الصحفيين الشباب هي ضعف المرتبات،وعدم تمكنهم من الوصول للمعلومات،بجانب ذلك يواجه الصحفيين الشباب مشكلة عدم نشر معظم تقاريرهم وكتاباتهم ويعزون ذلك الي عدم توفر الخبرات للصحفيين الشباب.
توقيف وتعطيل الصحفيين !:
قبل ان اكمل مهمتي الصحفية بمدينة جوبا،وأثناء تجوالي وزميلي الصحفي عادل بدر علي في أحد أسواق المدينة أوقفتنا استخبارات الشرطة العسكرية ، واقتادتنا الي مقر رئاسة الاستخبارات العسكرية ، وهناك تم تفتيشنا واغلاق اجهزة الاتصال الخاصة بنا ومكثنا في ذلك المبني لما يقارب الساعتين.وعقب اطلاق سراحنا قمنا بالاتصال بمسئولين حكوميين وأخبرناهم بما حدث.الا ان حكومة الجنوب لم تبلغ اعتذارها لاي من الصحفيين الذين قامت الاجهزة الأمنية بمضايقتهم..وتكررت حالات المضايقات هذه لعدد من الصحفيين من بينهم الزميلة بأجراس الحرية أمل هباني.
بالرغم من المضايقات والاعتقالات التي يتعرض لها الصحفيون في الجنوب ، وبالرغم من المشكلات التي يواجهها قطاع الإعلام ، إلا إنه يمكن القول بشئ من التفاؤل إن الإعلام في الجنوب قطاع ينمو ويزدهر في ظل اوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية قاسية الا ان توفر ارادة العمل الجاد لدي الصحفيين تجعل امكانية تطور هذا القطاع الحيوي ممكنة وتسير بخطي واثقة نحو الامام. حكومة الجنوب تتفهم مشكلات قطاع الاعلام وتعمل علي دعم ايجاد الحلول لها الا ان سطوة العسكريين في شوارع جوبا تجعل من تعهدات حكومة الجنوب حبراً علي ورق .. فهل يا تري ستعمل حكومة الجنوب علي تقنين سلطة العسكر وتمديد نفوذ الاعلام ليعالج ما تبقي في النفوس من مرارات الحرب ... ؟ .... ذلك أملنا .
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)